السبت، 22 نوفمبر 2014

نعمة راحة البال يستشعرها كل من يجيد فنون ترويض الأفاعي البشرية ... بتطبيق الْطُّرُقُ الْسَّبْعِ الْذَّكِيَّةِ لِلْتَّعُامُلِ مَعَ أَصْحَابِ الْسُّلُوُكِيَّاتِ الْسَّامَّة

قال الأعمش عن إبراهيم قال: جلس أعرابي إلى زيد بن صوحان, وهو يحدث أصحابه, وكانت يده قد أصيبت يوم معركة "نهاوند" التاريخية العظيمة.
فقال الأعرابي: واللّه إن حديثك ليعجبني, وإن يدك لتريبني!.
فقال زيد: وما يريبك من يدي?؛ إنها الشمال!.
فقال الأعرابي: واللّه ما أدري اليمين يقطعون أم الشمال!.
فقال زيد ابن صوحان: صدق اللّه ورسوله: "الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ". [التوبة97]
وردت هذه الحادثة لتصف حال الأعراب أو البدو الذين من طبيعتهم الجفاء والغلظة وعدم مراعاة مشاعر الآخرين.
وفي هذا ورد عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن هؤلاء الذين نتحاشى سلوكياتهم السامة ولو بالمجاملة الاجتماعية: (إنا لنكشر ـ أي نبش ونبتسم ونضحك ـ في وجوه أقوام، وأن لقلوبنا تلعنهم)!؟.
هكذا في مسيرتنا الحياتية نواجه الآخرين بمختلف نوعياتهم وسلوكياتهم.
ولابد لنا من التعايش معهم بحسناتهم وسيئاتهم.
ولنتذكر أن نتذكر أن بعض السلبيين المتقلبين مجرد مرضى, يمرون بمرحلة صعبة في حياتهم.
وكل ما يحتاجون إليه هو الحب وأن نستمع إليهم، وندعمهم، رغمم ما يسببونه لنا من آلام ونكد.
ولكن هناك نوع آخر من متقلبي المزاج، وأصحاب السلوك السلبي؛ الذي يستخدمونه مع سبق الإصرار والترصد لترهيب الآخرين والتلاعب بهم والإساءة إليهم.
فنعاملهم معاملة الأفاعي السامة؛ فنحذرهم ولا نقترب منهم، ولا نسمح لهم أن يسمموا حياتنا.
فكيف يمكننا إدارة تداعيات سمية الآخرين بحزم؟:
أو ما هي الإجراءات المانعة من سمية السميين؟ (Anti-Toxic Measures)
1-امض قُدُماً بدونهم وتخلص منهم:
 1.  Move on without them:
من الذكاء العاطفي والاجتماعي بل والنفسي أن تضع يدك بحزم على موطن ألمك.
وأخطرها أن تكتشف أن مصدر معاناتك هو مصاحبتك لشخصية سامة أو أفعى بشرية.
فهي تلدغك خاصة عندما تنعم بالدفء الذي تهيئه لها.
فلم لا تلغيها من حياتك؟.
2-كُفّ عن التظاهر بأن سلوكهم السام طبيعي:
2.  Stop pretending their toxic behavior is OK
اعلم جيداً أن أصحاب السلوكيات السامة والمتقلبة يستخدمونها للحصول على معاملة تفضيلية، ومكتسبات ذاتية.
فأصحاب السلوكيات السامة لا يتغيرون إذا تمت مكافأتهم على عدم التغير.
قرر في هذه اللحظة ألا تتأثر بسلوكهم.
وهو سلوك عباد الرحمن مع الجاهلين: "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَب.هُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً". [الفرقان63]
وعباد الرحمن الصالحون يمشون على الأرض بسكينة متواضعين, وإذا خاطبهم الجهلة السفهاء بالأذى أجابوهم بالمعروف من القول, وخاطبوهم خطابًا يَسْلَمون فيه من الإثم، ومن مقابلة الجاهل بجهله.
3-واجههم وفضفض بما في داخلك عنهم:
3.  Speak up!
قف مع نفسك.
وفكر كيف تتعامل مع تجار الابتزاز العاطفي (Emotional Blackmail).
يجب التحدي لهذا النوع من السلوك مقدماً يمكن أن يجعلهم يدركون الأثر السلبي لسلوكهم.
وتدبر هذه اللمحة القرآنية عن فن إدارة التعامل مع هؤلاء السميين بالمواجهة الأخلاقية الصريحة: 
4-عزز موقفك واستخدم سلطاتك لإيقافهم:
4.  Put your foot down.
قد تكون كرامتك هدفاً للهجوم، أو السخرية، فاعلم أن هذا لا يمكن أن يحدث لك أبداً إلا إذا كان استسلامك عن طيب خاطر.
قد لا تدرك أن لديك القوة ولديك الحدود الآمنة التي تمكنك من الدفاع عنها بسهولة ولكنها موجودة فاكتشفه أو حددها.
وهو فن الإعراض عن الجاهلين؛ الذي نتعلمه من هذا الأدب القرآني الراقي: "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ". [الأعراف199]
اقْبَلْ أيها النبي أنت وأمتك الفضل من أخلاق الناس وأعمالهم, ولا تطلب منهم ما يشق عليهم حتى لا ينفروا, وأْمر بكل قول حسن وفِعْلٍ جميل, وأعرض عن منازعة السفهاء ومساواة الجهلة الأغبياء.
5-حرر نفسك ولا تتعامل بحساسية ولا تأخذ سلوكياتهم السامة بشكل شخصي:
5. Don’t take their toxic behavior personally
 أصحاب السلوكيات السامة يمتلكون روح الهجوم والإسقاط.
فيحاولون دوماً أن يتهمونك بما يرتكبونه هم من أخطاء.
ولأن زر الشعور بالذنب كبير جداً عند كثيرين منا؛ فإن ذلك يمكن أن يضر بثقتنا بأنفسنا أو يزعزع تصميمنا، فلا تدع هذا يحدث لك.
لا تتنازل عن قواعدك الخاصة ومناطقك الشخصية؛ وإلا فسيزاحمونك عليها ويحتلونها ليبتزونك.
كما يقولون (رمتني بدائها وانسلت).
6-مارس التعاطف العملي الذكي:
6.  Practice practical compassion
فأتقن مراعاة الحال الوقتي والظروف المؤقتة وليست الدائمة.
أحياناً يكون من المنطقي أن تكون متعاطفاً مع الناس الذين تعرف أن سلوكياتهم سامة عندما تكتشف أنهم يمرون بوقت عصيب، أو أولئك الذين يعانون من المرض.
ولكن الكثير من العفو والسماح الدائم ليس صحياً أو عملياً لأحد على المدى الطويل.
ثانية؛ لا تقع فريسة أو ضحية لتجار الابتزاز العاطفي (Emotional Blackmail).
وليكن تعاملك معهم كما جاء عن عائشة رضي الله عنها: أن رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآه قال: بئس أخو العشيرة، وبئس ابن العشيرة.
فلما جلس تطلق النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل قالت عائشة: يا رسول الله، حين رأيت الرجل قلت له كذا وكذا، ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه؟.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة، متى عهدتني فحاشاً، إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره. [البخاري]
7-لا تظلم نفسك وفكر فيها وخصص وقتاً لها:
7. Take time for yourself
إذا ابتليت بأفعى بشرية لا فكاك من التعايش معها؛ كالعمل مع شخصية سامة؛ فتأكد من الحصول على ما يكفي من الوقت للاسترخاء فقط، والراحة، وفترة نقاهة.

وأنت لا شك تستحق هذا الوقت؛ للاسترخاء والراحة والتأمل، بلا ضغوط خارجية وبدون سلوكيات سامة.

فلا تظلم نفسك.

ولا تدع تلك الأفاعي البشرية أن تؤجر مكاناً داخل تفكيرك.
قم على الفور بإلغاء هذا الإيجار القاتل.
Don’t let toxic people rent space in your head
Raise the rent and get them out of there.
(المادة الأصلية مترجمة عن موقع:
http://www.marcandangel.com/2013/12/08/7-smart-ways-to-deal-with-toxic-people
ثم ...  
مع تحيات محبكم: 
د. حمدي شعيب
(7 ربيع آخر 1435هـ =7 فبراير 2014م)

ليست هناك تعليقات: